سوق العمل الأمريكي بين التباطؤ والاضطراب وقراءة غير مكتملة للاقتصاد
يشهد سوق العمل في الولايات المتحدة خلال خريف هذا العام حالة من التباطؤ والارتباك، مع تراجع واضح
في وتيرة التوظيف وصعوبة في قراءة الاتجاه العام للاقتصاد. وفي هذا السياق، تحافظ معظم الشركات
الأمريكية على موظفيها الحاليين، لكنها تتردد في توظيف عمالة جديدة، في ظل محاولتها فهم كيفية دمج
تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمليات، والتكيف مع السياسات غير المتوقعة للرئيس دونالد ترامب، لا سيما
الرسوم الجمركية المرتفعة على الواردات من عدة دول.
هذا الغموض يعقد مهمة الباحثين عن عمل، حيث يواجه كثيرون صعوبة في العثور على وظائف أو حتى الحصول
على مقابلات. وفي الوقت نفسه، ينقسم صناع السياسات في مجلس الاحتياطي الفيدرالي حول ما إذا كان سوق
العمل يحتاج إلى دعم إضافي عبر خفض أسعار الفائدة، أو أن الوضع الحالي يتطلب التريث.

بيانات متأخرة وتقديرات محدودة
تزداد تعقيدات المشهد بسبب تأخر البيانات الرسمية وعدم اكتمالها، عقب إغلاق حكومي استمر 43 يوماً، ما أربك تقييم
الوضع الفعلي للاقتصاد. ومن المنتظر أن توفر وزارة العمل قدراً محدوداً من الوضوح عند نشر بيانات نوفمبر حول التوظيف
والبطالة، بعد تأخير دام 11 يوماً.
وتشير التقديرات إلى أن أرباب العمل أضافوا نحو 51,000 وظيفة فقط خلال نوفمبر، مع زيادة معدل البطالة إلى 4.5% مقارنة
بـ 4.4% في آخر قراءة لشهر سبتمبر. وتعكس هذه المؤشرات فقدان التوظيف للزخم السابق، متأثراً بحالة عدم اليقين حو
ل الرسوم الجمركية، فضلاً عن آثار أسعار الفائدة المرتفعة التي فرضها الاحتياطي الفيدرالي خلال 2022 و2023 للحد من موجة
التضخم.
مراجعات سلبية للوظائف
كشفت مراجعات وزارة العمل لشهر سبتمبر أن الاقتصاد الأمريكي خلق 911,000 وظيفة أقل مما أُعلن سابقاً خلال العام المنتهي
في مارس، ما يعني أن متوسط الوظائف الجديدة بلغ 71,000 شهرياً بدلاً من 147,000 كما كان مقدراً. ومنذ مارس، واصل معدل
خلق الوظائف التراجع إلى متوسط 59,000 وظيفة شهرياً، مقارنةً بفترة الطفرة بين 2021 و2023، حين كان الاقتصاد يضيف 400,000
وظيفة شهرياً في المتوسط.
رغم أن معدل البطالة لا يزال منخفضاً تاريخياً، إلا أنه ارتفع منذ أن سجل أدنى مستوى له في 54 عاماً عند 3.4% في أبريل 2023، ما يعكس
هشاشة سوق العمل الحالي.

الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل سوق العمل
يزيد التوسع السريع في استخدام الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة من حالة عدم اليقين في سوق العمل، حيث تقلص الحاجة إلى اليد
العاملة في عدد متزايد من القطاعات.
وأوضح مات هوبي، نائب رئيس شركة “هيلث سكيل” للتوظيف في ولاية بنسلفانيا، أن العديد من الشركات باتت مترددة بين التوظيف و
الأتمتة، متسائلة عن الوظائف التي يمكن استبدالها بالتكنولوجيا وتلك التي لا تزال بحاجة للعنصر البشري.
وأشار إلى أن منطقة وادي ليهاي، مركز رئيسي للنقل في شرق بنسلفانيا، تشهد تباطؤاً في قطاعي الخدمات اللوجستية والنقل، نتيجة
الاعتماد المتزايد على الأتمتة والروبوتات.
الفيدرالي بين خفض الفائدة والانقسام الداخلي
دفعت المخاوف بشأن سوق العمل مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة مئوية الأسبوع الماضي، في
ثالث خفض لهذا العام. لكن القرار واجه معارضة ثلاثة أعضاء، وهو أعلى عدد من الأصوات الرافضة منذ ست سنوات، إذ يرى بعض المسؤولين
أن خفض الفائدة يجب أن يتوقف طالما ظل التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2%.
وحذر رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول من أن سوق العمل قد يكون أضعف مما تشير إليه الأرقام الحالية، مشيراً إلى أن مراجعات البيانات
قد تقلل عدد الوظائف المضافة بنحو 60,000 شهرياً، ما يعني أن الاقتصاد ربما لم يضف وظائف فعلياً منذ الربيع، بل ربما فقد نحو 20,000 وظيفة
شهرياً.

تأثير الإغلاق الحكومي واضطراب الإحصاءات
بسبب الإغلاق الحكومي، لم تنشر وزارة العمل تقارير الوظائف للأشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر في مواعيدها المعتادة. وتم إصدار تقرير سبتمبر
أخيراً في 20 نوفمبر، بعد تأخير بلغ سبعة أسابيع. ومن المقرر أن تُنشر بيانات أكتوبر ونوفمبر بالتزامن، مع عدم صدور معدل البطالة لشهر أكتوبر
لعدم اكتمال البيانات.
أداء المؤشرات الأمريكية والعملات الرئيسية
في ظل هذه البيانات، تواصل الأسواق الأمريكية التذبذب، مع استمرار المخاوف بشأن التوظيف والتضخم:
|
المؤشر / العملة |
السعر الحالي |
نسبة التحرك |
الاتجاه |
|---|---|---|---|
مؤشر S&P 500 |
4,622.7 |
-0.8% |
منخفض |
مؤشر داو جونز |
35,179 |
-0.7% |
منخفض |
ناسداك 100 |
16,243 |
-1.2% |
منخفض |
الدولار الأمريكي (مؤشر الدولار) |
98.05 |
-0.1% |
منخفض |
اليورو/الدولار |
1.1740 |
+0.1% |
مرتفع |
الدولار/ين الياباني |
155.16 |
-0.2% |
منخفض |
الروبية الهندية/USD |
91.08 |
+0.2% |
منخفض |
تُظهر المؤشرات أن الأسواق الأمريكية تتأثر بشكل مباشر بالبيانات الاقتصادية المرتقبة، خاصة تقرير الوظائف غير الزراعية
ومؤشر التضخم، في وقت يستمر فيه المستثمرون في التحوط تجاه أي تراجع محتمل في النشاط الاقتصادي، مع تصاعد
المخاوف بشأن ضغوط الرسوم الجمركية وتباطؤ التوظيف.
