الين الياباني يتراجع مع ترقّب التصويت البرلماني وتزايد الآمال بمرحلة سياسية جديدة في اليابان
تراجع الين الياباني في تعاملات مطلع الأسبوع بالسوق الآسيوية، ليواصل مساره الهابط أمام الدولار الأمريكي وسلة من العملات الرئيسية،
مع ابتعاد العملة اليابانية عن أعلى مستوياتها في أسبوعين. يأتي هذا التراجع في ظل عمليات تصحيح وجني أرباح من قبل المستثمرين،
بعد أسبوع من المكاسب المحدودة التي حققها الين وسط حالة من الترقب السياسي في طوكيو.
فقد شهدت اليابان خلال الأيام الأخيرة تحولات سياسية بارزة، إذ باتت ساناي تاكايتشي – المعروفة بدعمها للسياسات المالية والنقدية التوسعية –
المرشحة الأوفر حظًا لتولي رئاسة الوزراء، بعد حصولها على دعم واسع من الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم وتحالفه المرتقب مع حزب الابتكار الياباني.

ووفقًا لتقارير وكالة كيودو، سيُعلَن رسميًا اليوم الاثنين عن تعزيز التحالف بين الحزبين لتأمين أغلبية مريحة داخل البرلمان قبل التصويت الحاسم يوم الثلاثاء لاختيار رئيس الحكومة الجديد.
هذه التطورات السياسية تعزز توقعات بمرحلة جديدة من الاستقرار السياسي والاقتصادي في اليابان، مع التركيز على استمرار الين الياباني السياسة التيسيرية وزيادة الإنفاق الحكومي
لدعم النمو.
وتواجه تاكايتشي تحديًا مزدوجًا يتمثل في إعادة بناء الثقة السياسية بعد انسحاب حزب كوميتو من الائتلاف الحاكم للمرة الأولى منذ أكثر من 26 عامًا،
إلى جانب ضرورة استعادة الزخم الاقتصادي المحلي وسط تباطؤ في الاستهلاك وتراجع الصادرات. ويُتوقع أن يعتمد برنامجها الحكومي على تحفيز
الاقتصاد عبر الإنفاق الين الياباني العام ومواصلة التعاون مع بنك اليابان للحفاظ على أسعار الفائدة المنخفضة حتى استقرار التضخم عند مستويات مستدامة.
على الصعيد الاقتصادي، تأثر الين الياباني أيضًا بانخفاض الطلب على عملات الملاذ الآمن في ظل تحسّن شهية المخاطرة العالمية، نتيجة هدوء نسبي
في التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وغياب المخاوف الفورية المرتبطة بالنظام المصرفي الأمريكي. هذا التحول في المزاج العالمي شجّع
المستثمرين على العودة إلى الأصول ذات العوائد المرتفعة، الين الياباني ما أضعف الطلب على الين الذي يُعتبر من أبرز عملات التحوط في أوقات الأزمات.

وفيما يخص السياسة النقدية، ما زال بنك اليابان يتبنى موقفًا حذرًا رغم الضغوط الداخلية والخارجية لتعديل سياسته طويلة الأمد.
فقد صرّح محافظ البنك كازو أويدا الأسبوع الماضي بأن المؤسسة لا تستبعد رفع أسعار الفائدة تدريجيًا إذا ارتفعت احتمالات تحقق توقعاتها للنمو والتضخم،
وهو ما دفع الأسواق إلى رفع احتمالات رفع الفائدة في اجتماع أكتوبر إلى 35%، وفي ديسمبر إلى نحو 50%.
ويرى محللون أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مسار العملة اليابانية، إذ سيعتمد اتجاهها على نتيجة التصويت البرلماني وتوجهات الحكومة الجديدة،
إضافة إلى البيانات الاقتصادية المنتظرة حول التضخم والأجور والبطالة. وفي حال حافظت تاكايتشي على نهج السياسة النقدية المرنة،
فقد يبقى الين تحت ضغط نسبي أمام الدولار، بينما أي تحوّل نحو تشديد نقدي قد يمنحه دفعة تصحيحية محدودة.
وفي المجمل، يعكس المشهد الحالي في اليابان تداخلاً معقدًا بين السياسة والاقتصاد؛ فبينما تسعى البلاد إلى انتقال سياسي سلس يعيد الثقة إلى الأسواق،
يبقى التحدي الأكبر هو كيفية تحقيق التوازن بين دعم النمو وكبح التضخم دون المساس باستقرار العملة أو القطاع المالي.
