الفيدرالي الأمريكي على أعتاب خفض جديد للفائدة… الأسواق تترقب القرار الحاسم في أكتوبر
تتجه الأنظار العالمية نحو الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مع اقتراب اجتماعه المرتقب في أواخر أكتوبر الجاري، وسط توقعات شبه مؤكدة باتخاذ قرار جديد بخفض أسعار الفائدة، في خطوة تهدف إلى دعم النمو الاقتصادي وتعزيز مرونة الأسواق في مواجهة تباطؤ الزخم الاقتصادي.
توقعات شبه إجماعية بخفض مزدوج للفائدة
بحسب استطلاع أجرته وكالة رويترز، يتوقع 115 من أصل 117 اقتصاديًا أن يقوم الفيدرالي الأمريكي بتخفيضين إضافيين في أسعار الفائدة هذا العام — أحدهما في اجتماع أكتوبر والآخر في ديسمبر — بمقدار 25 نقطة أساس لكل منهما.
ويشير الاستطلاع إلى أن سعر الفائدة النهائي بنهاية أكتوبر سيتراوح بين 3.75% و4.00%، ما يعكس إجماعًا شبه تامًا على دخول البنك المركزي في دورة تيسير نقدي جديدة بعد عام من التشديد الحذر.
هذا التحول في التوقعات يأتي بعد أسابيع فقط من ترجيحات اقتصادية كانت تشير إلى خفض واحد للفائدة خلال العام، مما يعكس تبدلًا سريعًا في المزاج الاقتصادي الأمريكي نتيجة لتراكم البيانات السلبية.

ضغوط اقتصادية تدفع نحو التيسير
يرى المحللون أن تزايد احتمالات خفض الفائدة يعود إلى تباطؤ سوق العمل واعتدال التضخم، إلى جانب تأخر صدور بعض البيانات الاقتصادية الحساسة بسبب الإغلاق الحكومي المؤقت، مما جعل الرؤية الاقتصادية لدى صناع القرار أكثر ضبابية.
وفي هذا السياق، دعا عدد من مسؤولي الفيدرالي إلى مقاربات الفيدرالي الأمريكي مختلفة:
حيث يؤيد كريستوفر والر خفضًا إضافيًا للفائدة لدعم سوق العمل وتحفيز النمو.
في المقابل، يفضل آخرون مثل ستيفن ميران نهجًا أكثر حذرًا لتجنب عودة موجة تضخمية جديدة.
أما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فقد دخل على خط الجدل بدعوته رئيس الفيدرالي جيروم باول الفيدرالي الأمريكي إلى خفض حاد وسريع للفائدة بهدف تحفيز الاقتصاد المحلي وزيادة الإنفاق الاستهلاكي، معتبرًا أن تباطؤ التضخم يمنح البنك المركزي هامش مناورة أوسع.

الأسواق تسعّر القرار قبل صدوره
وفقًا لأداة CME FedWatch، فإن الأسواق المالية تُسعّر الآن احتمالية خفض الفائدة بنسبة 98.9% في اجتماع 28 و29 أكتوبر، ما يجعل القرار شبه محسوم في نظر المستثمرين.
وتترقب الأسواق بحذر صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي (CPI) قبل الاجتماع مباشرة، إذ يُتوقع أن تكون القطعة الأخيرة من اللغز النقدي التي قد تحدد وتيرة التيسير المقبلة.
تداعيات محتملة على الأسواق العالمية
يتفق الخبراء على أن خفضًا جديدًا للفائدة سيمنح الأصول الخطرة — مثل الأسهم والعملات الرقمية — دفعة قوية نحو الصعود، بينما قد يدفع أسعار الذهب إلى تسجيل مكاسب إضافية بدعم من تراجع الدولار والعوائد.
أما في حال أظهر التضخم مرونة غير متوقعة، فقد يضطر الفيدرالي إلى كبح دورة التيسير سريعًا للحفاظ على استقرار الأسعار، مما يعيد الأسواق إلى حالة من التقلب الحاد بين رهانات النمو ومخاوف التشديد.
موازنة دقيقة بين النمو والسيطرة على الأسعار
وفي خضم هذه التطورات، يبقى الفيدرالي الأمريكي أمام اختبار دقيق:
كيف يمكنه تحفيز الاقتصاد دون إشعال التضخم مجددًا؟
إذ إن أي خطأ في التقدير قد يؤدي إلى اضطراب أوسع في الأسواق المالية ويُضعف الثقة بالسياسة النقدية الأمريكية التي تمثل مرجعًا عالميًا لحركة رؤوس الأموال.
