الذكاء الاصطناعي.. قوة جديدة تعيد تشكيل مسار الدولار الأمريكي بين الدعم والمخاطر
قد يصبح الذكاء الاصطناعي أحد العوامل الهيكلية الجديدة المؤثرة في مستقبل الدولار الأمريكي، إذ يجمع بين عناصر الدعم
والمخاطرة في الوقت ذاته، بحسب تقرير صادر عن بنك أوف أمريكا ويرى البنك أن تأثير الذكاء الاصطناعي على المدى القريب
قد يكون متباينًا، لكنه مرشح لتعزيز قوة الدولار على المدى الطويل مع ازدياد مكاسب الإنتاجية وتحسن الكفاءة الاقتصادية.

دعم إنتاجي مقابل مخاطر سوقية
أوضح الاستراتيجيون في البنك أن طفرة الإنفاق الرأسمالي الأمريكي المرتبطة بالذكاء الاصطناعي تشكّل عامل دعم واضح للعملة،
إذ ساهم الاستثمار في البرمجيات والأجهزة ومراكز البيانات بما يتراوح بين 1.2 و1.3 نقطة مئوية في نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال
الربعين الأول والثاني من عام 2025 وأضاف التقرير أن هذا النمو، إلى جانب تأثير الثروة الناتج عن ارتفاع تقييمات شركات التكنولوجيا،
ساعد على دعم إنفاق المستهلكين والحفاظ على قوة الدولار في وقت كان من الممكن أن يتراجع فيه أكثر.
الأسهم التكنولوجية والدولار: علاقة غير مستقرة
ورغم أن الهيمنة الأمريكية في قطاع التكنولوجيا ساهمت في تعزيز صورة “الاستثنائية الأمريكية”، إلا أن ارتفاع الأسهم المدفوع
بالذكاء الاصطناعي لم ينعكس مباشرة على قوة الدولار في الفترة الأخيرة فبعد تراجعات أبريل المعروفة باسم “يوم التحرير”،
واصلت أسهم الذكاء الاصطناعي ارتفاعها، بينما بقي الدولار الأمريكي ضمن نطاق محدود وأشار التقرير إلى أنه ليس من الواضح
ما إذا كان هبوط محتمل في أسهم الذكاء الاصطناعي سيؤثر فعليًا على الدولار، إذ ما تزال العوامل الاقتصادية الكلية الأخرى أكثر تأثيرًا.
ومع ذلك، فإن استعادة الأسهم التكنولوجية لارتباط إيجابي مع الدولار قد تدفع المستثمرين العالميين إلى زيادة مستويات التحوط،
مما يجعل الدولار أقل فعالية كملاذ آمن خلال فترات التراجع في الأسواق.
مخاطر سوق العمل والضغوط الانكماشية
حذّر التقرير من أن سوق العمل الأمريكي قد يتحول إلى نقطة ضعف رئيسية مع انتشار الأتمتة.
فقد بدأت تظهر ملامح ما وصفه البنك بـ “توازن منخفض في التوظيف والتسريح”، حيث تتردد
الشركات في توظيف عمال جدد في وظائف معرضة للاستبدال بالذكاء الاصطناعي.
ويرى محللو بنك أوف أمريكا أن زيادة عمليات التسريح المرتبطة بالأتمتة قد تمثل مخاطر
هبوطية للدولار، إذ يمكن أن تدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى تسريع وتيرة خفض أسعار الفائدة
لمواجهة تباطؤ اقتصادي محتمل.

المحصلة: إنتاجية أقوى أم انكماش ضاغط؟
يؤكد التقرير أن المحصلة النهائية لتأثير الذكاء الاصطناعي على الدولار ستعتمد على الاتجاه السائد بين قوتين متعارضتين:- إذا هيمنت المكاسب الإنتاجية، فسيؤدي ذلك إلى تعزيز قوة الدولار كما حدث خلال الفترة الذهبية بين عامي 1995 و2002.
- أما إذا غلبت الضغوط الانكماشية الناتجة عن الأتمتة وانخفاض الطلب، فقد يؤدي ذلك إلى إضعاف العملة الأمريكية عبر خفض العوائد وتيسير السياسة النقدية.
مقارنة مع فقاعة الإنترنت: اختلاف في الأساسيات
قارن التقرير بين دورة الذكاء الاصطناعي الحالية وفقاعة الدوت كوم عام 2000، مشيرًا إلى اختلاف جوهري في البنية الاقتصادية؛
إذ إن الطفرة الحالية مدفوعة بشركات تكنولوجيا ربحية وليست شركات ناشئة عالية المخاطر، كما أن تدفقات الاستثمار الأجنبي
المباشر أقل بكثير من تلك الحقبة ورغم ذلك، لاحظ البنك أن الدولار استفاد خلال صعود وهبوط الدورة التكنولوجية السابقة،
مضيفًا أن العلاقة السلبية التقليدية بين الدولار وقطاع التكنولوجيا قد تستمر في الأسواق الهادئة، لكنها قد تنعكس مؤقتًا
خلال فترات التقلب العالية. خلص بنك أوف أمريكا إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل قوة مزدوجة الاتجاه بالنسبة للدولار الأمريكي
دافع دعم طويل الأمد عبر الإنتاجية والنمو، وعامل ضغط قصير الأجل عبر الأتمتة والآثار الانكماشية المحتملة.
وقال الاستراتيجيون في ختام التقرير:
